عمر الحار
تلقّيت اليوم السبت دعوة كريمة أسعدتني غاية السرور ، من مرجع القانون الدولي وأستاذ افكاره ومدارسه ، في جامعة عدن وسواها ، معالي الأستاذ الدكتور علي مهدي بارحمة . بعد اعتكاف اجباري في منزلي لاكثر من شهرٍ . وقد حمل الدعوة إليّ المهندس عبدالله باقطيان ، مدير اتصالات شبوة ، فكانت تلك المبادرة نبيلة المعنى ، عميقة الأثر ، إذ جاءت في وقتٍ استبدّ فيه الحنين إلى اللقاء بتلك القامة القانونية الفذة التي عرفناها بصفاء رؤيتها وسداد حكمتها واتزانها في كل الميادين .
كان اللقاء بالدكتور علي بارحمة استعادةً لصفحاتٍ مشرقة من الذاكرة ، وعبوراً إلى محطاتٍ من الماضي تسكن الوجدان ، وتستمدّ معناها من دفء المواقف وصفاء العلاقات . تحدّثنا مطولاً ، فكان حديثه نهراً من المعاني ، ينساب في وضوح القانون وبلاغة التجربة ، تحمله ذاكرة حديدية لا تعرف النسيان ، وذهن متقد ما زال يقرأ الحاضر بعين من خبر الأمس ووعى المستقبل .
ظلّ معالي الدكتور علي العلوي محتفظاً ببهاء الحضور ونضارة العمر ، بوجهٍ لا تفارقه السكينة رغم ما واجهه من تحديات وصعوبات في مسيرة علمية صاغها بالصبر والإصرار . فقد حفَر مجده في صخر الحياة بإرادة لا تلين ، وارتقى في مدارج العلم حتى صار أحد أعمدته ومرجعياته في الوطن . تلك الصلابة الممزوجة بالرفق ، وذلك الإباء المقرون بالتواضع ، هي ما جعلته مدرسة قائمة بذاتها في الفكر والسلوك و العلم .
و لا اطيب من لقاء أبناء لماطر العامرة برجالها و أعلامها ، وقد جمعتنا أجواء الودّ والذكريات ، نستنشق عبق الماضي ونستعيد في الملامح صدى من رحلة العمر .
ويبقى الدكتور علي مهدي بارحمة أحد أولئك القلائل الذين لا يتكرّر حضورهم في سجل الفكر والقانون ، رجلاً صاغ مجده بصبر العلماء ، وترك في الذاكرة بصمة لا تمحى ، وفي القلوب أثراً لا يُنسى . وحين تغيب الأسماء العابرة ، يظل هو كالنجم الثابت في سماء العدالة ، يشعّ علماً و تواضعاً ، ويمنح من حوله يقيناً بقيمة المعرفة ، ما دامت تحمل وجه الإنسان النبيل وقلبه .
تعليقات الزوار ( 0 )