منذ أن عادت لجنة الوساطة في يونيو/ منتصف العام 2021 محملة بأكياس الزبيب وخفي حنين دون إحراز أي تقدم في عملية السلام، والشقيقة عمان تلعب دورًا واضحا في مد المليشيا بالسلاح وأدوات تكنولوجيا الاتصالات، بصورة تعبر عن وقوفها إلى جانب المليشيا بإيعاز إيران قطري.

وبحسب التقارير الواردة حول الأحداث والصراع القائم فإن الأمر ليس وليد اللحظة وإنما له جذور طويلة على مدار السبعة أعوام الماضية وقبلهما.

صفقات السلاح المشبوهة التي تم مصادرتها خلال الفترة الماضية عبر البحر ومنفذ “شحن” الحدودي بمحافظة المهرة، إضافة إلى تهريب أشخاص وقيادات لها علاقة وطيدة بالحوثيين وكذلك مواد ممنوعة، تدين النظام العماني الذي يدعي أنه زاهد في الحرب ومنحاز لعملية السلام.

كما تكشف أيضًا حجم الفجوة والتباينات بينه وبقية دول التعاون الخليجي على رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

الأمر الأهم الاستمرار في احتواء مسقط لفصيلي (الإخوان – والحوثي)، لا لشيء؛ سوى تشكيل تحالفات واضحة، تعيق العملية السياسية وعملية السلام من جهة، وتؤسس لتحالفات وقيادات فاسدة تدير مصالحها الشخصية على حساب المواطن اليمني، إضافة إلى تمويل المنظمات الدولية بالتقارير المليئة بالمغالطات وترتيب اللقاءات مع السفراء والبعثات الديبلوماسية.

عُمان تستطيع أن تلعب أدوارًا كثيرة في إرساء قواعد السلام بالضغط على ذراع إيران، أو في أسوأ الأحوال إدانة أعمالها ضد الشعب اليمني، من زراعة الألغام، والاعتقالات التي تطال خصوما سياسيين وناشطين، وحتى كوادر نسائية؛ لو أنها تريد ذلك، لكن ثمة مشكلة في البنية السياسية التي تحاول أن تنهجها في عمل توازن لا يخدم القضية اليمنية، ولا يقدم حلولًا ناجعة.

بالتالي هي تسير على نفس منوال قطر، تأسيس أجنحة مسلحة، دعم مزيد من القنوات الإعلامية بكل أشكالها، وتستقطب أكبر عدد من الناشطين والقيادات اليمنية، لمزيد من الانشطار في الرؤية السياسية وتشتيت الجهود التي تعمل على تقليص دور المليشيا واخضاعها لعملية السلام.

مؤخرًا شركة الاتصالات اليمنية التي كانت تعرف ب(سبيستل)، قبل أن تحول إلى (MTN)؛ وهي شركة يمنية افريقية ناجحة، اضطر مالكوها إلى بيعها بعد ضغوطات شديدة ومضايقات من قبل مليشيا الحوثي، لتبدو على أنها شراكة عمانية – يمنية؛ هي جزء من عملية “غسيل أموال” كبيرة، ساعدت عمان على نجاحها بعيدًا عن أنظار ولوائح حكومة الشرعية بقيادة الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي.

وبحسب المتابعين فإن الأهم من أين أتت قيمة شركة بحجم MTN دخلها اليومي بالملايين فيما الناس تموت جوعا في ظل انقطاع المرتبات وغياب معظم الخدمات الضرورية.

هناك اتهامات صريحة من قبل المراقبين، تشير إلى أن قيادات حوثية مرتبطة بزعيم الجماعة، تقوم بنهب المساعدات المادية والغذائية، إلى جانب السيطرة المطلقة على أسواق النفط سواء (السوق السوداء) أو الشركات التي تحمل عشرات المسميات ويتم إدارتها من الخارج عن طريق عمان، بقيادة الناطق الرسمي باسم الجماعة محمد عبد السلام فليته وآخرين بتسهيل، من إيران وحزب الله.

العقوبات الجديدة والقديمة التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية ومجلس الأمن، لم تكن ناجعة بالقدر الذي يطمح إليه المواطن، ولا حكومة الشرعية والتحالف العربي ضد هذه الجماعة، بحيث لا تزال هناك تدفقات كثيرة للسلاح وغيره وتسهيلات من قبل الأمم المتحدة، ناهيك عن التخادم بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في إطار (الملف النووي) ورفع القيود عن أكثر من 30 مليار دولار في البنوك العالمية.

بالعودة إلى عُمان وآخر وساطاتها فقد كان يعتقد الحوثيون أنهم على مشارف السيطرة على مدينة مأرب التي تعج بأكثر من 3 ملايين نازح ومقيم إضافة لآبار النفط والغاز.

خلاصة القول، استغل الحوثيون الفرص المتاحة لالهاء المجتمع الدولي، وبقية الأطراف الفاعلة في المشهد، ففتحوا المجال للوساطات والتحركات من أجل عمليات السلام، وهم في حقيقة الأمر كانوا يستهلكون الوقت لا أكثر؛ من أجل تمرير الأوراق قبل أن يحققوا حلمهم الذي ظل معلقا، حتى مقتل الحاكم الفعلي والمتهم الأول بإدارة معركة مارب التي راح ضحيتها الآلاف من قبل المليشيا وهو السفير الإيراني آنذاك حسن إدريس ايرلو.