فرضت محاولة تدشين مكون سياسي يمني في محافظة شبوة مؤخرًا، حالة من السخط بين أوساط الجنوبيين الذين نبّهوا إلى مؤامرة خبيثة ومشبوهة يتعرض لها الجنوب وقضيته وخصومه.

محاولة التدشين التي جاءت بزعم إيجاد مكون سياسي في إطار الحرب على الحوثيين جاءت غير منطقية بأي حالٍ من الأحوال، إذ كان من الأحرى إذا ما كانت هناك رغبة حقيقية في إنشاء مكون لهذا الغرض أن يتم التوجه للمناطق التي ينشط فيها الإرهاب الحوثي.

هذه الخطوة أثارت مطالب جنوبية عديدة بضرورة فرض حظر شامل لتدشين وعمل أي أحزاب يمنية في الجنوب، كونها ستشكل ضربة مباشرة لواقع ومسار القضية الجنوبية، وذلك من خلال إثارة قضايا سياسية معادية للجنوب وإن كانت بشعارات مطاطة.

كما أنّ المرحلة الحالية هي بالأساس هي “فترة حرب”، ومن ثم يجب التعامل معها من هذا المنطلق ليس فقط عسكريًّا لكن أيضًا سياسيًّا وحتى إعلاميًّا، فوجود أحزاب أو مكونات يمنية بالجنوب في هذا التوقيت.

فمن غير المنطقي السماح بإيجاد مكونات سياسية يمنية تعمل من الجنوب، فتوجهها – وفقًا للمنطق – هو العمل على مواجهة المليشيات الحوثية، ما يعني أن بوصلتها يجب أن تكون موجهة إلى صنعاء كما المفترض، وبالتالي لا يكون هناك داعٍ من الأساس لإيجادها في الجنوب إلا إذا كانت تحمل أبعادًا تآمرية.

كما أن وجود مثل هذه المكونات سيكون بمثابة العمل الاستفزازي للجنوبيين، إذ يُمثّل انقضاضًا صريحًا ومباشرًا على المكاسب التي حقّقها الجنوب بما في ذلك بمحافظة شبوة التي حررتها القوات المسلحة الجنوبية من المليشيات الحوثية مؤخرًا.

ولعلّ هذا الأمر هو ما يفسر سبب غضب الجنوب إن كان على المستوى الرسمي أوعلى الصعيد الشعبي من تلك الخطوة، وانصب هذا الغضب على وجه التحديد بأنّ الجنوب لن يسمح بأي انقضاض على مكاسبه.

مواجهة هذا الاستهداف الذي يتعرض له الجنوب تكون من خلال الدفع نحو تسريع وتيرة التحرك نحو الحل السياسي الذي يتيح للجنوب حقه في استعادة دولته باعتباره جزءًا مستقلًا في إطار الحل الشامل، بمعنى ألا يتم إدراج الجنوب كجزء من اليمن في إطار ذلك الحل، باعتبار أنّ هذا الأمر سيضيف تعقيدات وتعميقات للأزمة من الأساس.

هذا الطرح سيتيح ما يمكن اعتباره خروجًا آمنًا من دوامة الصراع الراهن، الذي لا يبدو أنه ستكون له نهاية طالما أصرّ خصوم الجنوب على إيجاد نفوذ لهم على أراضيه، وهذا النفوذ دائمًا ما يرتبط بمساعي لنهب ثروات الجنوب من جانب وكذا زرع العراقيل أمام استعادة الدولة، وهو ما خططت له الشرعية منذ فترات طويلة.