عاد تنظيم القاعدة إلى الظهور في شبوة (جنوب شرقي اليمن)، في أعقاب سيطرة مليشيات حزب الإصلاح الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، على المحافظة، في أغسطس 2019م، بعد اختفائها لفترة.

وكان دور التنظيم قد خفت وتوارى نسبيا في مناطق عدة جنوبي اليمن، لاسيما شبوة، تحت ضغط العمليات العسكرية المباشرة بقيادة الإمارات عام 2016 وبدعم أمريكي متصاعد باستخدام الطائرات بدون طيار مما أجبر الأخير على القيام بانسحابات كبيرة بعد قطع كثير من خطوط تواصله.

لكنه استأنف نشاطه تدريجياً في العامين الأخيرين ليتبني نحو 5 عمليات إرهابية واسعة جميعها ضد قوات “الحزام الأمني”، بينما تحولت شبوة، مرة ثانية، إلى بؤرة نشطة لعناصر “القاعدة”، الذين ينخرطون حاليا في أجهزة أمنية وعسكرية (حكومية) تحت غطاء السلطة المحلية والأمنية الموالية لـ”الإخوان”.

وفي أحدث نشاط؛ اغتال مسلحون ينتمون للتنظيم ومجيشون ضمن تشكيلات أمنية، موالية للإخوان، يوم الجمعة الماضية، الضابط في اللواء الثالث “نخبة” العقيد أبو بكر محمد سلامة، بعدما اعترضوا سيارته في منطقة المساء على الخط العام الذي يربط منطقة الصعيد بمدينة عتق عاصمة شبوة.

دفعة أكسجين
وترتبط عودة “القاعدة” إلى شبوة، بحزب الإصلاح الذي يري في العناصر المتطرفة كنزاً، ويعد المظلة الأيديلوجية والسياسية لـ”القاعدة”، رغم أنه جزءًا من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، بل والمتحكم الفعلي بمنظومة الشرعية.

واستفادت المجموعات المتشددة كثيراً من سيطرة تنظيم الإخوان، على محافظة شبوة، حيث منحها ذلك جرعة أكسجين، وفرصة نادرة لالتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب صفوفها، بعد الضربات المميتة من قوات النخبة المدعومة إماراتيا.

وكشفت أحداث العامين الأخيرين، في محافظات جنوبي اليمن، أن مخططاً محكماً تم إعداده مبكراً، خاصة من حزب الإصلاح (الإخواني) بالاعتماد على المجموعات الإرهابية في شبوة وأبين وعدن، وبدأ بمعركة 2019 ضد النخبة.

قتال على جبهة واحدة

بعد كمين (24 أغسطس/ آب 2019) الذي أسفر عن مقتل وجرح عدد من أفراد قوات “الحزام الأمني” في أبين جنوبي اليمن، تضاربت الأنباء حول ما إذا كانت قوات حزب الإصلاح هي المسؤولة عن هذا الكمين أم تنظيم “أنصار الشريعة” المرتبط بتنظيم القاعدة الإرهابي.

حينها، أعلنت وسائل إعلامية تابعة لحزب الإصلاح، وناشطون موالون له مسؤولية “الجيش الوطني” عن كمين أبين، وبعد ذلك أعلن تنظيم “أنصار الشريعة”، على أحد المواقع الإعلامية التابعة له عن مسؤوليته عن الكمين، مضيفاً أن الكمين استهدف “طقمين لقوات الحزام الأمني التابعة للإمارات في منطقة مودية بأبين، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى”.

وشكل كمين أبين دليلاً على عودة تنظيم الإخوان وقائد جناحه العسكري علي محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني، لإيقاظ نشاط القاعدة في اليمن، سواءً كان ذلك بعلم حكومة الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي أم بدونه.

كما فتح أعين المراقبين مجددا على صلات الأحمر، مع تنظيم القاعدة، ودوره في اتاحة تربة خصبة للمجموعات والفصائل الإرهابية حاملة راية “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”، لاسيما للاستعانة بمقاتلي التنظيم ضد القوات المحسوبة على المجلس الانتقالي.

ويلتقي الإخوان وتنظيما القاعدة وداعش في اليمن، في العداء للقوات الجنوبية، ويجمع الثلاثة التقارب الأيديولوجي، كون داعش والقاعدة خرجا من رحم واحدة، وهي جماعة الإخوان، إلى جانب استعانة الإخوان بالتنظيمين لتعزيز وجودهم في المحافظات الجنوبية، خصوصاً شبوة وأبين.

القاعدة.. عصى الإخوان لضرب الخصوم

ولم يعد ضلوع الإخوان، في إيقاظ نشاط “القاعدة” في اليمن، واستخدامه كعصى لضرب خصومهم، مجرد تكهنات، حيث أكدت تقارير استخباراتية أن التنظيم درب مقاتلين في معسكرات القوات الموالية لحزب الإصلاح، في مأرب وشبوة ووادي حضرموت، لتنفيذ مهام إرهابية.

وكدلالة على ذلك قام التنظيم في 17 مايو 2021 بهجوم على أحد المقار الأمنية في محافظة أبين، فيما استخدم الدرجات النارية المفخخة في 13 يونيو 2021 لاستهداف عربة لنقل جنود من قوات الحزام الأمني بالقرب من سوق زنجبار وهو ما ترتب على مقتل وإصابة عشرات الجنود.

وتخطت العلاقة مسألة تبادل الهدايا بين الإخوان والقاعدة، إلى خوض حروب لأجل حماية العناصر المتطرفة، كما حدث في أبين حين شنت القوات المنسوبة لـ”الشرعية”، الموالية لحزب الإصلاح، هجوماً واسعاً على قوات الحزام الأمني، التي كانت تشن حملة عسكرية واسعة لملاحقة مسلحي تنظيمي القاعدة وداعش.

ولم يكن التنسيق الإخواني – القاعدي سابقةً من نوعها في أبين، ففي محافظة شبوة التي يهيمن عليها الإخوان بقوة السلاح، تحالف الثنائي ضد قوات النخبة الشبوانية، من أجل طردها من المحافظة.