بقلم أ.د.ميثاق باعبّاد الشعيبي
كاتب جنوبي بارز ومفكر سياسي اكاديمي
أزمة يعانيها القطاع التعليمي، يكاد لا يمر يوم من أيام حكومة الفساد اليمنية إلا ونسمع عن قرار كارثي يتصدر الصحف وتتناوله وسائل السوشيال ميديا، القرارات الارتجالية غير المدروسة، بل هو أحد القرارات التي تدمر أصول الوطن، وآخر تلك الكوارث الوزارية هو قرار مجلس الوزراء رقم (5) لعام 2023م بخصوص طباعة الكتاب المدرسي خارج المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي ..
يعد العلم الجسر الوحيد ووسيلة العبور للمستقبل الزاهر المشرق، ومن هنا الجنوبيين كونهم يشكلون اقل نسبة، من بين المستوطن اليمني الذي يفوق تعدادهم اضعاف، لكن أكبر نسبة في الشتات، والجهل والتأهيل التربوي والعملية التعليمية، بغية رفع مستواهم الفكري والمهني العال والمتقدم، وحصولهم على طرائق التدريس الحديثة وكيفية تعاملهم مع الطلبة في حالات الأزمات، ودولة الجنوب المستقبل تحتاج الى أجيال متعلمة وواعية ومثقفة، وأكاديمية لبناء مجتمع واعي حضاري وديمقراطي …
إلا يعلموا ان التعليم ضرورة من ضرورات الحياة والركيزة الأساسية لأي تطور ونماء المجتماعات، لكن لانستطيغ التغيير حتى تكون الجنوب دولة مستقلة على حدودها المتعارف عليها قبل 90م ..
التعليم كان يشكل في الجنوب ثروة بذاتها، كان التعليم مجاني وكان اهتمامه حتى بالفتاة بشكل كبير داخليا وخارجيا، حتى اعتبرة الجامعة العربية ان دولة الجنوب هي الدولة الوحيدة العربية الخالية من الأمية في عام 84م وايضا بشهادة من الجامعة العربية هي الدولة الوحيدة العربية الخالية من مرض شلل الأطفال والكساح والسعال الديكي وووالخ …
كنا دولة مزهرة وفي مصارف الدول المتقدمة، نحن في ظل إحتلال همجي متخلف، لازلت الثورة الجنوبية مستمر ضد المحتل اليمني، ومازالت بقايا آلة القمع والتدمير والوحشية تفعل فعلها بدعم ومساندة اقليمية، وتحت أنظار العالم وكافة المنظمات والهيئات التي تدعي حقوق الانسان ومكافحة الارهاب والوحشية لاسيما بعد أن حاول قوى النظام المحتل السبئي الدكتاتوري سرقة الثورة الجنوبية، وجعلت من جنوب اليمن حلبة للصراع وتقسيمها الى اقاليم لبسط نفوذها حسب مصالحه، وألحقت الخراب والدمار بالوطن والمواطن حتی الشجرا والحجر، لم يسلم، حيث الآلاف من الشهداء ومثلها من المعتقلين والجرحى والمهجرين واللاجئين في الشتات فلم يفلح قطاع في الوطن إلا ودمر من الاقتصاد الى البنية التحتية من معامل ومدارس ومستشفيات ومؤسسات عسكرية وكان لقطاع التعليم النصيب الأكبر والذي يمس بنية المجتمع الجنوبي بل ويمس كل أسرة وكل فرد لأنه لا حياة لمجتمع دون علم، وبالعلم ترتقي الشعوب وتتنهض الأمم وتبنى الأوطان …
التعليم ياسادة بوابة العبور للمستقبل الأفضل، ومن ثم للبدء ببناء الوطن والارتقاء به الى مصاف الدول المتحضرة وهذا ليس بمستحيل ولنا تجربة لنهوض كثير من الدول …
لذلك نتسائل كما جاء في تقرير سابق ما أسباب توقف عمل مطابع الكتاب المدرسي في العاصمة عدن وحضرموت؟ ولماذا الإصرار على تدمير مؤسسة رسمية ولمصلحة من تعطيل طباعة الكتاب المدرسي؟
أسألة تحتاج الى اجابات مقنعة، وهل كان قرار طباعة الكتاب المدرسي بالخارج قرارا مدروسا؟
لماذا رفضت وزارة التربية والتعليم هذا القرار؟ وبماذا ردت؟
من يتحمل تشريد أكثر من 500 موظف من مطابع الكتاب المدرسي؟
ناهيك انه يؤدي إلى تفاقم الأزمة التي يعانيها القطاع التعليمي في العاصمة عدن ومناطق الجنوب، فالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي هي بإنتاج الكتب المدرسية بجودة عالية وبأسعار معقولة حسب العقد الموقع مع وزارة التربية والتعليم، وهذا العقد يضمن توفير الكتب للطلاب بصورة ملائمة وتجنب ارتفاع أسعار الكتب في السوق السوداء ..
اما إذا تمت طباعة الكتب المدرسية خارج المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة التكاليف وتأخير التسليم، حيث ستحتاج المدارس إلى البحث عن نقل وتوزيع الكتب، وبالتالي فإن هذا سيشكل عبئاً إضافياً على المدارس والطلاب وأولياء الأمور …
يبدو في آخر المطاف أن الجنوب كُتب لها الشقاء والعناء، وكلما شعر المواطن المغلوب على أمره بتحسن الأمور وظهور بصيص من نور في نفق الظلام بادرته حكومة الفساد بقرارات كارثية تزيده بؤسا فوق بؤسه ومعاناة فوق معاناته، حتى أصبح آخر أمانيه من هذا الوطن هو أن تكف الحكومات المتعاقبة عن القرارات الارتجالية الكارثية التي تهرول بالبلاد أكثر وأكثر إلى الهاوية …
خالص احترامي وتقديري
تعليقات الزوار ( 0 )