رغم مرور شهر كامل على صدمة سقوط مديريات بيحان الثلاث بيد مليشيات الحوثي، لم تهدأ حدة الاتهامات الموجهة إلى جماعة الإخوان المتسلطة على القرار داخل الشرعية وفي محافظة شبوة عبر سلطتها الإخوانية ممثلة بالمحافظ محمد بن عديو، بالوقوف وراء ذلك
إجماع هذه الاتهامات على حقيقة أن ما تم لم يكن سوى عملية استلام وتسليم بين جماعتي الإخوان والحوثي لمديريات بيحان وعسيلان وعين بدون قتال، إلا أن الاختلاف يأتي من تفسير وتحليل أهداف جماعة الإخوان من وراء ذلك.
أحدث هذه الاتهامات التي تفسر سبب إقدام الجماعة على ذلك، جاء على لسان الشيخ محمد الفاطمي – أحد أبرز مشايخ بيحان في لقاء تلفزيوني له يوم أمس، قال فيه بأن تسليم جماعة الإخوان للمديريات الثلاث جاء بناء على تفاهمات مع جماعة الحوثي بتسليم محافظة شبوة لها مقابل تراجعها عن إسقاط مدينة مأرب والتقدم نحو حقول الغاز والنفط.
إلا أن الفاطمي أشار أن الحوثي تخلى عن هذه التفاهمات والتف على مأرب من بيحان ووجه طعنة غادرة للإخوان، ولفت إلى أن سلطة الإخوان كانت قد أرسلت 30 طقما إلى بيحان لقمع فعالية الانتقالي التي أقامها في 7 يوليو الماضي، مؤكداً بأن هذه القوة لوحدها كانت كفيلة لصد مليشيات الحوثي.
ما قاله الفاطمي كان قد أشارت له تقارير إعلامية سابقة، بسعي جماعة الإخوان إلى التضحية بمحافظة شبوة من أجل منع سقوط مأرب التي تعد أشبه بمنجم ذهب تجني منه الجماعة المليارات شهرياً من عوائد النفط والغاز.
انقلاب الحوثي على هذه التفاهمات أوقع جماعة الإخوان، كما يرى مراقبون، في مأزق خطير قد يهدد نفوذها في مناطق سيطرة الشرعية، فمن ناحية منحت الجماعة للحوثي إمكانية تطويق مدينة مأرب بعد أن بات على مشارف مركز مديرية الجوبة.
ومن ناحية أخرى فقد أثارت الجماعة غضب السعودية التي تعتبر شبوة من مناطق نفوذها التاريخية في اليمن وايضاً ما تسببت به الانسحابات الإخوانية من بيحان باقتراب الحوثي من مدينة مأرب وما يعنيه ذلك من خطر استراتيجي قد يقلب المعادلة في اليمن في حالة سيطرة الحوثي عليها.
هذه التطورات قد تدفع بالسعودية إلى تغيير تعاملها تجاه الرئيس هادي والشرعية المسيطر عليها من قبل جماعة الإخوان في حالة سقوط مأرب بيد الحوثيين، كما تقول مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها الأخير الذي أصدرته الخميس الماضي، أكدت فيه بأن سقوط مأرب سيجعل مليشيات الحوثي القوة العسكرية والسياسية المهيمنة على الشمال بلا منازع
تقرير مجموعة الأزمات تطرق إلى تفاصيل التطورات العسكرية الأخيرة، منذ انهيار جبهات البيضاء بيد الحوثيين إلى وصولهم إلى الجوبة، وأكدت فيه بأن موقف السعودية من هادي يمكن أن يتغير كجزء من صفقة مع الحوثيين أو بسبب فقدان الثقة في هادي إذا سقطت مأرب، مشيرة إلى تزايد القناعة بفشل الرجل في الأوساط اليمنية والدبلوماسية.
كما لم يستبعد التقرير لمجموعة الأزمات الدولية عودة الإمارات إلى المشهد في اليمن من خلال دعم المجلس الانتقالي لمواجهة أي مساعٍ حوثية للتقدم ناحية الجنوب.
مخاوف هذا التحول بدأت جماعة الإخوان بالتعبير عنه، على لسان أحد عناصرها وهو عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، الذي قال في تغريدة له على “تويتر” بأن السعودية بدأت تنسحب تدريجيا من دعم الشرعية.
وأكد عبدالسلام بأن السعودية تستعد لإعادة هيكلة الوضع في اليمن بدعم كل من المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح والمجلس الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي “لخوض معارك صورية مع الحوثيين قبل مفاوضات يزاح منها أي تأثير عسكري للشرعية على الأرض”، حد زعمه.
تعليقات الزوار ( 0 )