هناك فئة من الناس ما تزال تقف بعناد ضد إرادة الشعب الجنوبي في استعادة دولته، وكأن الحرية بالنسبة لهم تهمة والاستقلال جريمة. هؤلاء لا يرفضون مشروع الدولة الجنوبية لأنهم يملكون رؤية أفضل، بل لأنهم أسرى قيودٍ صنعها لهم الماضي وورثوها بلا وعي من أجيال عاشت طويلاً تحت الخوف والخضوع.

 

إن الذين يعارضون استعادة الدولة الجنوبية هم في حقيقتهم ضحايا ذهنية العبودية التي زرعتها التبعية العمياء في نفوسهم. فهم يخشون الحرية لأنها تكشف ضعفهم ويهابون الدولة الجنوبية لأنها تسحب منهم امتيازات وهمية ورثوها من زمن السيطرة والهيمنة. يظنون خطأً أن الخضوع هو الضمان الوحيد لمكانتهم وأن التمسك بالمحتل المتخلّف يمنحهم قوة، بينما هو في الحقيقة مجرد هروب من مواجهة أنفسهم وواقعهم.

 

هذه الفئة لا ترى في استقلال الجنوب إلا تهديداً، ليس لأن مشروع الاستقلال سيئ، بل لأن الحرية بالنسبة لهم أكبر مما تستطيع عقولهم المتشبثة بالماضي تحمّله. لقد تعودوا على الظلال فصار نور الحرية يؤلمهم وتعودوا على التبعية فصار القرار الجنوبي الحر يخيفهم. يخافون أن تتغير المعادلة وأن يصبح للجنوب قراره وسلطته وهويته، فينكشف ضعف حجتهم وتزول أوهام نفوذهم.

 

لكن الشعوب لا تنتظر هؤلاء، فالتاريخ لا يُكتب على مقاس الخائفين. الشعوب التي تسعى لاستعادة دولتها تصنع مستقبلها بإصرار وتكسر قيود الماضي بوعي وإرادة. والجنوب اليوم يمضي نحو استعادة دولته بثبات، لأن الحرية ليست خياراً ثانوياً بل حق طبيعي وواجب الدفاع عنه.

 

إن الرافضين لحرية الجنوب واهمون إن ظنّوا أن أصواتهم ستوقف حركة التاريخ. فالشعوب الحرة عندما تعلن رغبتها في التحرر لا تعود إلى الوراء. والجنوب اليوم لا يبحث عن مجاملة أحد، بل يبحث عن كرامة تُبنى وهوية تُستعاد ودولة تقف على أرضها بشموخ.

 

✍️ وضاح عبدالله الفقيه