(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )
صدق الله العظيم
ودّعت “تريم” ووارت في ثراها اليوم الجمعة عالمها الفذ الحبيب العلامة ابوبكر العدني بن علي المشهور ، بعد حياة ناهزت 77 عاما حافلة بالعطاء والتنوير والوسطية
لم تفتقده وتشيّعه تريم بل افتقدته وشيّعته امة بكاملها في زمن انتشرت فيه تيارات تحتكر الاسلام فهما ودعوة وما سواها كفر وزيغ وضلال ، افتقدته المنابر والجمع والجماعات والتوجيه والارشاد ، عالما جليلا فاضلا أهم اقطاب مدرسة حضرموت السنية المعتدلة التي شرّفها الله بحمل دعوة الاسلام الى بقاع كثيرة من الارض
ولد في ” احور ” وتاسس وعيه فيها ، وازهر واثمر في ” تريم ” وظل وسطيا زاهدا ورعا متزنا لا تثنيه عواصف الموتورين ، اخلاقه لينة متواضعه تفرغ لاعمال الخير وتعليم الاجيال ونشر الفضيلة والمعرفة وخدمة المجتمع فجزاه الله خيرا عن اعماله دقّها وجليلها ، ظل قدوة سهل الطبع دمث الأخلاق لين الأسلوب يحب أهل الفضل ناصحا أمينا ومرشدا مشفقا بحسن توجيهاته ، عُرِضت عليه عروض الدنيا واموالها المغرية ليتولى امامة مساجد كبيرة لكبار في اليمن وفي الجوار فرفضها وتفرّغ داعيا وفارق الحياة زاهدا
كان خير تعبير لمدرسة حضرموت ينافح بالحجة والبيان ، لا باتهام المختلف معه ، كيف لا وهو سليل مدرسة نشرت الاسلام في مشارق الارض ومغاربها ، كان علماؤها وتلامذتها واتباعها قدوات صدق وامانة وزهد ، وجباه سجود وعبادة ، اخرجوا امم من شرك الوثنية الى نور لا اله الا الله محمد الرسول الله ، ما ملكوا اموالا تدعمهم بل كان راسمالهم اخلاقهم وصدقهم وقدوتهم ، اينما حلوا غيّروا حال امم استوطنوها ، خلت تعاليمهم من العنف والتطرف وما استخدموا الدين للوصول لامتيازات السلطة كبعض الحركات التي عصفت بالامة ، جعلوا وظيفة مدرستهم اصلاح المجتمع ونشر تعاليم الاسلام قدوة وحياة ووئام للمجتمعات
تتلمذ على يديه مئات من طلاب العلم وله اسهامات دعوية وتعليمية وخيرية والف عشرات الكتب في مجالات الفقة والتاريخ والسيرة والادب والسلوك والفكر وله محاضرات صوتية ومرئية تحدث فيها عن قضايا تهم الامة
ما احترم مخالفوه لحظة موته ورهبتها بل هاجموه هجوما رفعه واعلاه ، من حيث لايشعرون ، واكّدوا انه هامة علمية دعوية لايستطيعونها الا بالقبورية ، وان هذه المدرسة لا اسهامات لها الا في هذا السياق … وما ادري ماذا يسمّون “صلاح الدين الايوبي” فاتح القدس ومحرر المسجد الاقصى من الفرنجة وهازم الصليبيين الذي تؤكد المصادر التاريخية انه اول من انشأ “خانقاه” للصوفية بمصر واوقف عليها اوقافا كثيرة.. هل هو صوفي مبتدع خرافي قبوري فاسد العقيدة أم قائد اسلامي شرّفه الله بفتحٍ ما شرّف به احد غيره!!؟
لعمرك ما الرزية فقد مال __ ولا شاة تموت ولا بعيـر
ولكن الرزية فقـد عال _يموت بموته خلق كثيـر
لله ما أعطى وله ما أخذ ، وعزاؤنا لأهله وإخوانه وأولاده واحبائه وطلابه وأهل حضرموت واحور والجنوب عامة والعالم الاسلامي
رحم الله الشيخ ابوبكر وادخله فسيح جناته وجزاه الله خيرا وعفا عنه واكرمه
انا لله وانا لله راجعون
تعليقات الزوار ( 0 )